تمثل الخصية اهم جزء من الجهاز التناسلي عند الرجل ومصنع الحيوانات المنوية الوحيد. وتشكل أورام الخصية حوالي 1 % من مجموع الاورام التي تصيب الرجال في اي مرحلة عمرية.
وعالمياً: تشير الإحصاءات في الولايات المتحدة الى حدوث ما بين 7500 و8000 حالة سرطان خصية جديدة تحدث كل سنة، مع أعلى معدلات الانتشار في الدول الإسكندنافية وألمانيا ونيوزيلندا. وبحسب السجل الوطني للأورام فقد تم تسجيل 38 حالة عام 2006م و58 حالة عام 2007م بينما تم تسجيل 94 حالة في عام 2013م بحسب الإحصاءات المنشورة في يونيو 2016 م في السعودية.
ويعتبر سرطان الخصية الورم الأكثر شيوعاً عند الشباب ما بين 20 و40 سنة من العمر. ويقسم إلى فئتين تسمى الأولى السيمينوما أو الورم المنوي (Seminoma) وثانيتها جميع الأورام االجينية الأخرى غير المنوية (Nonseminomatous) مع تعادل نسبة حدوث هاتين الفئتين. ويتساءل البعض عن أسباب الإصابة بهذا المرض السريع الانتشار خاصة وانه يصيب في الأغلب الرجال من فئة الشباب، ومع وجود الكثير من النظريات إلا أن العامل المسبب للإصابة بسرطان الخصية لم يكتشف حتى الآن وهو غير معروف طبياً ومن الصعب جدا تفسير أصابة أناس بسرطان الخصية دون غيرهم وبالتالي كل رجل عرضة للإصابة بهذا السرطان. وقد أشارت بعض الأبحاث العلمية إلى أسباب وعوامل يؤدي وجودها عند الشخص الى زيادة احتمالية أصابته مستقبلاً بسرطان الخصية ومن هذه العوامل:
- الطفل الذي يولد بخصية معلقة في البطن أي لم تنزل إلى كيس الصفن (Cryptorchidism ) إذا لم تعالج في وقت مبكر وخلال فترة طفولته فان احتمالية الإصابة بسرطان الخصية واردة وبشكل كبير وقد أشرنا في عيادة سابقة من جريدة الرياض إلى هذه الحالة وطريقة التعامل معها.
- الإصابة بمتلازمة كلاينفلتر وهو خلل جيني يصيب الصبغيات ويؤدي الى وجود كروموسوم اضافي عند الرجل.
- صغر حجم الخصية او تشوهاتها الخلقية.
ومع التقدم المتميز في معالجة هذا الورم خلال السنوات الخمسة وعشرين الماضية، أصبح هذا السرطان من الأورام الأكثر تجاوباً للمعالجة مع نسبة مرتفعة جداً للشفاء منه بإذن الله قد تصل إلى أكثر من 95 ٪، بينما كان أمل الشفاء في الماضي لا يتعدى 64 ٪.
ومن أهم الأسئلة الواردة في هذا الحديث هو عن أعراض وعلامات هذا المرض وكيف يمكن اكتشافه مبكرًا، وهنا أشير إلى أن من أبرز علاماته السريرية التي تحتاج التشخيص السريع وأركز هنا على أهمية التشخيص السريع ومن ثم المعالجة الدقيقة: حصول تصلب (قساوة) أو تضخم غير مؤلم في الخصية يشعر به المريض نفسه وهذا يؤكد أهمية الفحص الذاتي للخصية والذي يعتبر واحداً من الإجراءات المهمة التي تزيد من إمكانية اكتشاف الورم فيها، وهذا الفحص بسيط جداً وفي إمكان أي رجل القيام به. ومن العلامات الأخرى والتي قد تتصاحب مع التصلب وتحدث في حوالي 30 ٪ إلى 40 ٪ من تلك الحالات وجود ألم فاتر وغير حاد في الخصية أو الشعور بالثقل في أسفل البطن أو العجان أو الصفن. وأما في حوالي 10 ٪ من تلك الحالات فقد يكون ألم الخصية حاداً وشديداً. وقد يتصاحب المرض بنسبة 10 ٪ بعلامات سريرية تعود إلى انتشاره إلى أعضاء أخرى كتورم في العنق نتيجة وجود سرطان نقيلي في العقد المفاوية أو حدوث سعال أو ضيق في التنفس إذا ما انتشر الورم في الرئة أو غثيان وترجيع في حال امتداده خلف الأمعاء أو آلام في العمود الفقري إذا ما انتشر إلى خلف الصفاق وأصاب العضلة القطنية أو الجزر العصبية أو أعراض عصبية اخرى في حال انتشاره إلى الدماغ أو النخاع الشوكي أو الأعصاب أو تورم في أحد الساقين نتيجة حصول تخثر أو انسداد في الوريد الأجوف السفلي أو الوريد الحرقفي.
تشخيص سرطان الخصية:
ويتم التشخيص بالفحص السريري على الخصيتين مع تحديد حجمهما ومحيطهما وتماسكهما للتفريق ما بين الخصية الطبيعية والخصية المصابة بالسرطان. فإذا ما تبين وجود قساوة او تورم صلب مثبت في الخصية نفسها أو في غلالتها البيضاء فذلك يوحي بوجود سرطان خصوصاً إذا ما امتد التصلب إلى البربخ والحبل المنوي. ويشمل الفحص السريري أيضاً البطن والعقد اللمفية في الرقبة والثدي والصدر للتأكد من عدم انتشار المرض. والجدير بالذكر ان وجود قساوة (تصلب) في الخصية وان كان عادة دليل وجود سرطان فيها إلاّ أنها قد تمثل حالات أخرى كانفتال الحبل المنوي والتهاب البربخ أو الخصية والقيلة والدوالي والفتق والتجمع الدموي والقيلة النطفية. ولاثبات التشخيص تجرى عادة أشعة صوتية على الصفن يتبعها في حال تشخيص الورم عمل أشعة مقطعية على البطن وتصوير الرئتين الاشعاعي. كما يتم الاستعانة بتحاليل للدم لتحديد وجود ارتفاع في مؤشرات الأورام الخاصة بالخصية.
علاج سرطان الخصية:
يتم العلاج عادة باستئصال الخصية المصابة كاملة او استئصال الجزء المصاب فقط إن كان صغيرًا وامكن ذلك جراجيًا من جهة المنطقة الاربية ولا يقبل علميًا أجراء العملية من خلال كيس الصفن مباشرة للوصول إلى الخصية ولا حتى المساس بالغشاء الخارجي المبطن للخصية لأنه إذا ما ثبت فعلاً إصابة هذه الخصية بالسرطان وبوجود مثل هذا القطع في جدار الخصية سوف يسبب تسرب الخلايا السرطانية إلى الأنسجة الأخرى والمحيطة بالخصية ومن ثم انتشارها إلى مواضع أخرى في الجسم. وفي بعض الحالات قد يتبع التدخل الجراحي جلسات علاج إشعاعي او كيميائي للتغلب على المرض بعد تحديد درجة الورم ومدى انتشاره. هنا يجب التأكيد على أنه من الضروري في معظم تلك الحالات تجميد الحيوانات المنوية قبل القيام بأي علاج كيميائي أو إشعاعي بغرض استعمال تلك الحيامن للتلقيح المجهري في حال تأثر عمل الخصية الاخرى وهو ما يشاهد غالباً بعد مثل تلك العلاجات. كما يجب التنويه على نقطة في غاية الأهمية وهي حرص المريض على المتابعة الدورية بدون أي اهمال أو تردد لتفادي حصول انتكاسة للمرض (والتي تحدث بنسبة 20- 35 %) اوامتداد الورم والذي قد لا يتجاوب تماماً لأية معالجة تدخلية.
ويحدث النكس عادة للورم خلال السنتين الأوليين من المتابعة مع بروزه في السنة الأولى بنسبة 86 ٪ وفي السنة الثانية بنسبة 14 ٪ وفي السنة الثالثة والرابعة بمعدل حوالي 4 ٪ تقريباً. وفي تشخيصه المبكر والسريع عند أول ظهوره يمكن معالجته بالعلاج الكيميائي أو الجراحة الاستئصالية أحياناً مع أمل ممتاز للبقاء على قيد الحياة بمشيئة الله عز وجل بنسبة 96 ٪ إلى 99 ٪ ومع زوال السرطان التام في حوالي 75 ٪ من تلك الحالات.
في الختام أود التأكيد على أهمية الفحص الذاتي للخصيتين خاصة للشباب وعدم إهمال حدوث أية صلابة أو تكتل في إحدى الخصيتين سواء أكان متصاحباً بألم أو بدونه والعرض سريعاً على الطبيب المختص للكشف والعلاج المبكر والتي تضمن بمشيئة الله أكبر نسبة للشفاء والتحكم بالمرض.
أ.د. صالح بن صالح