رياضة كمال الأجسام المحببة للشباب، هي الرياضة الوحيدة التي لا يضطر صاحبها أن يصرح عنها، بل هي التي تصرح عنه، ولذلك يتجه معظم الشباب لممارستها.
ولكن هناك خطأً يقع فيه معظم اللاعبين المبتدئين، وهو اتجاه كثير منهم إلى استخدام وتناول المنشطات ظناً أنها تساعدهم في نمو عضلاتهم بسرعة. والحقيقة أن عدداً كبيراً من ممارسي رياضة كمال الأجسام يستخدمون منشطات وعقاقير تباع بعيداً عن أعين الجهات الرقابية، وتستورد من الخارج عبر مسافرين، أو عبر البريد، وتدر أموالاً طائلةً لتزايد عدد متعاطيها وارتفاع أسعارها. وأدى إقبال المئات على ممارسة هذا النوع من الرياضة إلى انتشار تجار يروجون للمنشطات والعقاقير في صالات كمال الأجسام وبين الشباب، ويجنون أرباحاً تقدر بمئات الآلاف شهرياً.
وقد يكون للهاجس الكبير عند اللاعب المبتدئ في رياضة كمال الأجسام وهو كيفية تكوين جسم مثالي في أقل وقت ممكن، الدافع الرئيسي لبذل أموال طائلة ليتحقق ذلك له بطرق مشروعة وغير مشروعة.
وفي تصريح سابق قال رئيس سابق للجنة السعودية للرقابة على المنشطات: “إن انتشار استخدام الهرمونات المنشطة بين ممارسي رياضة بناء الأجسام كبير جدًا، فمن بين 100 رياضي يتم فحصهم، يتم اكتشاف 95 منهم يتناولون مواد منشطة، دون اكتراث لما تسببه لهم من أضرار صحية جسيمة”، لافتاً إلى دراسة، أجرتها اللجنة على مستوى المملكة على حجم تداول الهرمونات في الصالات الرياضية، لمعرفة حجم المشكلة والتصدي لها.
من ناحية أخرى، خاصة في السنوات الماضية ورغم توالي التحذيرات، زاد الإقبال على تناول مشروبات الطاقة، وقد يعود ذلك إلى قيام شركات هذه المشروبات بتسويق منتجاتها في حملات دعائية تدمج رياضات جهدية مثل التسلق وسباق الدراجات، مما يجعلها ترتبط في أذهان المشاهدين بالسرعة والقوة التي ستمنحها للشخص عندما يشربها كما منحت البطل الفلاني ذلك.
تاريخ المنشطات الرياضية
المقصود بالمنشطات هنا المواد التي يتعاطاها البعض لتحسين الأداء الرياضي أو القوام مثل زيادة حجم العضلات وقوتها وقدرة التحمل، وتعتبر مواد غير قانونية، إذ عادة يعاقب متعاطوها بالاستبعاد من البطولات الرياضية، كما أنها تحمل مخاطر صحية كبيرة على الجسم قد تصل لحد الموت.
وقد استعملت المنبهات قديماً على حيوانات السباق أعز الله القراء الكرام، ومن الأمثلة على ذلك سباقات الكلاب والخيول التي كانت تقام في تلك العصور السالفة، وظهرت كلمة المنشطات (Doping) في القاموس الإنجليزي سنة 1889م كمادة طبية لخليط الأليوم المخدر.
كما استخدمت المنشطات في السباقات الأولمبية في نهاية القرن الثالث واستخدم متسابقو الدراجات في فرنسا خليطاً طبياً يعتمد على مستحضرات (الكوفايين).
وفي سنة 1952م بدأت مقاومة استخدام المنشطات في إيطاليا بعقد سلسلة من الندوات العلمية حتى عـام 1961م الذي شهد تأسيس أول مختبر علمي لاكتشاف استخدام الرياضيين للمنشطات بمدينة فلورنسا الإيطالية ثم في 1963م عقد بفرنسا أول مؤتمر أوروبي لبحث سبل مقاومة المنشطات والذي تكلل بإصدار قانون لمعاقبة مستخدمي المنشطات وقد صدر فعلاً هذا القانون عام 1964م.
ماذا يشمل تعريف
المنشطات الرياضية
عرفت اللجنة الطبية التابعة للجنة الأولمبية الدولية المنشطات بأنها تلك المواد التي نصت عليها لائحة اللجنة الأولمبية عـام 1976م وطالبت بتحريم استخدامها في المجال الرياضي واحتوت على المـواد التالية:
- مثيرات الجهاز العصبي المركزي مثل الكـورامين، والاستكرانين.
- المواد المخدرة التي تساعد على عدم الإحساس بالألم مثل الكـودايين.
- أنابول سترويد، مثل الميثانينون.
إلا أنه من الناحية الطبية فإن المنشط يطلق على كل مادة أو دواء يدخل الجسم وبكميات غير اعتيادية لغرض زيادة الكفاءة البدنية للحصول على انجاز رياضي أعلى ويسبب أضراراً صحية عند الاستمرار على تعاطيها. وهذه المنشطات يمكن أن تؤخذ عن طريق الفم (حبوب وكبسولات) أو عن طريق الحقن العضلي.
*ما الفرق بين المنشطات المحظورة والمكملات التي يستخدمها الرياضيون خاصة لاعبي كمال الأجسام؟
- يوجد هناك فارق بين المنشطات والتي تسمى Anabolic Steroids وبين المكملات الغذائية المعروفة باسم Nutritional Supplements.
فالمنشطات ينطبق عليها الأضرار المتعارف عليها وهي ممنوعة دولياً ولها أضرار مدمرة للصحة على المدى الطويل, و هي عبارة عن هرمونات (وغالباً ما تكون في شكل حقن).
أما المكملات فهي صورة مشروعة وغير ضارة من صور تدعيم الأداء الرياضي, وهي عبارة عن منتجات مستخلصة من مكونات غذائية مثل بروتين الصويا وشرش اللبن واللبن خالي الدسم وغيرها من المواد التي تدخل في تكوين وجباتنا التي نأكلها بصورة طبيعية, ولكنها تحضر بصورة مقننة بحيث تعطي الجسم نسبة عالية من البروتين بدون الدهون والكوليسترول الموجودين معه في الطبيعة مثلما يحدث عند شرب اللبن كامل الدسم أو أكل البروتين الحيواني, وأحياناً يضاف إليها الكربوهيدرات المركبة من أجل الطاقة وكذلك بعض الفيتامينات والمعادن.
هذه المكملات يعد استخدامها ـ كل نوع حسب جرعته وحسب احتياجات الجسم ومدي ما يبذله من مجهود عضلي ـ تعد عاملاً مساعداً لتحسين الأداء الرياضي ومكملاً للغذاء الصحي لدى الرياضيين خصوصاً في عالم الوجبات السريعة غير الصحية الذي نعيشه هذه الأيام.
*ما تأثير المنشطات السابقة على متعاطيها؟
- كما ذكرت فإن المنشطات أنواع وأشكال من الصعب الحديث عنها جميعاً، لكن من أهمها مايلي:
التيستوستيرون
هو هرمون من عائلة الإسترويدات البنائية “Anabolic hormones”، وهو هرمون بنائي، أي إن الجسم يقوم بإفرازه لتحفيز عملية البناء. وللتيستوستيرون في أجسامنا تأثيران أساسيان، الأول تحفيز عملية بناء العضلات، والثاني مسؤوليته عن تطوير صفات الذكورة، مثل شعر الوجه وخشونة الصوت.
والتيستوستيرون هو أحد الهرمونات التي تفرز في الجسم من قبل الخصيتين لدى الذكور بتركيز عالٍ والمبيضين لدى الإناث لكن بتركيز منخفض جداً، وهو هرمون الذكورة الأساسي لدى الرجال، وبسبب خصائصه فإن له استعمالات طبية وعلاجية، ولكن ليس من بينها على الإطلاق تحفيز الأداء الرياضي، ولذلك فإن تعاطيه يعد أمراً غير قانوني. كما توجد مجموعة صناعية من الهرمونات تم تصميمها خصيصاً للتنشيط الرياضي، ويطلق عليها اسم “الإسترويدات البنائية المصنعة”، وهي ليست مواد تم تصنيعها لأغراض طبية كهرمون التيستوستيرون السالف الذكر وبالتالي لم تخضع لاختبارات على الإطلاق، وهذا يعني أنه لا توجد وسيلة لتقييم مخاطرها التي قد تكون وخيمة. ويتزايد إقبال الرياضيين على تعاطي هذا النوع من المنشطات لأنها تساعد على تكبير الكتلة العضلية بشكل سريع وتقلل الشعور بالتعب والشد العضلي المصاحب للمجهود العضلي، كما يرغبها البعض لأنها تعطي الشخص شعورًا بأنه عنيف!.
ولاستعمال هرمون التيستوستيرون بشكل خاطئ خارج الإشراف الطبي مخاطر كبيرة ومنها:
- الشعور بالغثيان والتقيؤ.
- زيادة مخاطر التهابات الأوتار وتمزقها.
- مشاكل الكبد وزيادة حدوث التحولات السرطانية فيه.
- زيادة حَبّ الشباب (Acne).
- ارتفاع تركيز الدهنيات منخفضة الكثافة “LDL” السيئة، وانخفاض تركيز الدهنيات مرتفعة الكثافة “HDL” الجيدة، مما يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
- ارتفاع ضغط الدم.
- التقلبات المزاجية كالاكتئاب والغضب والسلوك العنيف.
- الإدمان على المنشطات.
- مشاكل في النمو.
- ازدياد مخاطر الإصابة ببعض أنواع السرطان مثل سرطان الثدي والبروستات.
- حصول التثدي عند الرجال.
- زيادة الصلع.
- صعوبة في التبول نتيجة لتضخم البروستات.
- ضمور الخصيتين وحدوث العقم.
- الضعف أو العجز الجنسي.
الأندروستينيدون (أندرو):
وهو هرمون يتم إفرازه من الغدة الكظرية والمبيض والخصية، ويتم تحويله في الجسم إلى التيستوستيرون والأستروجين. ويتعاطى البعض هذا الهرمون معتقدين أنه يساعد على تحسين أدائهم الرياضي، ولكن الدراسات العلمية تشير إلى أن غالبية الأندروستينيدون الذي يتم تعاطيه لا يحسن الأداء الرياضي ويتحول إلى إستروجين، وهو الهرمون الجنسي الأساسي لدى الإناث.
وقد يؤدي تعاطي الأندروستينيدون إلى حدوث الكثير من المشاكل الصحية.
أ.د. صالح بن صالح