اضطرابات الرغبة الجنسية

تعتمد صحة الرجل بشكل عام على وجود نسبة طبيعية من الهرمونات بالجسم تنظم العمليات الاستقلابية والعمليات الحيوية الأخرى المهمة للحفاظ على صحته العامة، ومن أهم هذه الهرمونات يأتي هرمون الذكورة (التيستوستيرون) بما له من تأثيرات مباشرة على صحة الرجل الجنسية وتأثير على الرغبة بشكل خاص وعلى الصحة العامة اجمالا.

وتشكل الخصيتين المصدر الرئيسي لهذا الهرمون، ومن المعروف طبياً أن خصية الرجل الطبيعي تصنع من 6 إلى 7 مجم من هرمون الذكورة يومياً. وتكمن اهمية هرمون الذكورة في تعدد وظائفه وتداخلها في معظم اجهزة الجسم فمنها ما له علاقة بالصحة الإنجابية والجنسية ومنها بناء العضلات وتنظيم وظائف الكبد وزيادة كثافة العظام وتنظيم الدورة الدموية وتحسين الذاكرة.

وهناك نقص تدريجي فسيولوجي في مستوى هرمون الذكورة في الرجال الأصحاء، حيث ينخفض هرمون الذكورة بنسبة 30% عند الرجال الأصحاء من سن 25 عاماً إلى 75 عاماً تدريجياً.

من ناحية أخرى، توجد العديد من الأسباب المرضية لنقص هرمون الذكورة وهي إما أسباب خارجية كالتعرض للإشعاعات أو بعض العقاقير أو كدمات الخصية أو الحرارة العالية أو نتيجة لأسباب داخل الجسم مثل اضطرابات الغدة النخامية أو اضطرابات الغدة الدرقية أو زيادة إفراز هرمون الحليب (البرولاكتين) أو الخلل الشديد في وظائف الجسم، كما في حالات الفشل الكلوي أو الكبدي، إلا أن أكثر أسباب نقص هرمون الذكورة شيوعاً والذي حظي باهتمام علمي شديد في الآونة الأخيرة هو نقص هرمون الذكورة عند الرجال نتيجة التقدم في العمر أو ما يسمى بسن اليأس عند الرجال.

ومن الحقائق العلمية أن هرمون الذكورة يبدأ في الزيادة في جسم الرجل عند مرحلة البلوغ ويكون في أعلى مستوياته من سن 19-30 سنة، ثم يبدأ في التناقص تدريجياً بنسبة 1-2% سنوياً. ويبدأ الكثير من الرجال ملاحظة أعراض المشكلة فوق سن الخمسين عاماً إلا أن الأعراض قد تبدأ قبل ذلك في نسبة قليلة منهم. وفي دراسة كندية أجريت على عدة آلاف من الرجال وجد أن الأعراض تحدث بنسبة 8% في الرجال في الأربعينيات من العمر و29% في الخمسينيات و44% في الستينيات و70% في السبعينيات و91% في الثمانينات وتتلخص هذه الأعراض حسب أهميتها في ضعف القدرة الجنسية، ضعف القدرة العضلية الجسمية وضعف القدرة على بذل المجهود، الإحساس بالخمول، الإحساس بالاكتئاب وضعف الذاكرة وزيادة وزن الجسم وتراكم الشحوم خصوصاً في منطقة البطن.

وللمساعدة على تشخيص نقص هرمون الذكورة ومعرفة اولئك الأشخاص الذين يجب عليهم المبادرة بالاستشارة الطبية وجدت العديد من الاستبيانات العلمية التي ترتبط اجاباتها بأعراض نقص هذا الهرمون لكن أكثرها قبولا هو استبيان ادم، ويتكون هذا الاستبيان من عشرة أسئلة وفي حالة الإجابة بنعم على السؤالين الأول والسابع أو أي ثلاثة أسئلة أخرى يجب على المريض المبادرة باستشارة طبيبه. ونورد هنا هذه الأسئلة للفائدة العامة:

1- هل تعاني من ضعف في القدرة الجنسية؟

2- هل تعاني من الخمول الجسدي؟

3- هل تعاني من ضعف القدرة العضلية بمرور الوقت؟

4- هل نقص طولك؟

5- هل لاحظت قلة استمتاعك بالحياة؟

6- هل تعاني من الحزن أو الاكتئاب؟

7- هل تعاني من ضعف؟

8- هل لاحظت مؤخرا قلة قدرتك على ممارسة الرياضة؟

9- هل تحتاج إلى النوم مباشرة بعد تناول الطعام؟

10- هل تحس في الفترة الأخيرة بضعف في الذاكرة أو القدرة على أداء عملك؟

ولتأكيد التشخيص يتم عمل التحاليل المخبرية والتي تتم عن طريق طلب تحليل دم يتم فيه قياس هرمون الذكورة أو التستوستيرون ويفضل عمل التحليل في الصباح من الساعة 8 صباحاً إلى الساعة 10 صباحاً، حيث يكون فيه الهرمون في أعلى مستوياته كما يمكن قياس مستوى الهرمون الحر في الدم في حالة وجود المستوى الكلي للهرمون عند الحدود الدنيا المقبولة لهذا الهرمون.

وفي نفس الوقت من المهم إجراء بعض الفحوصات للبروستات للاطمئنان من عدم وجود موانع لاستخدام العلاج الهرموني وكذلك للاطمئنان على غدة البروستات وهذه الفحوصات تبدأ بالفحص اليدوي الشرجي وقد يحتاج الأمر لقياس مستوى انزيم البي اس آي في الدم خاصة للرجال بعد عمر 45 سنه للتأكد من سلامة الغدة وخلوها من وجود تضخم حميد او سرطاني وهو ما يمنع استخدام العلاج التعويضي لهرمون الذكورة.

وفي حالة بدء العلاج فعلياً فلا بد من المتابعة الطبية المتواصلة لتقييم درجة الاستفادة ومقدارها وهذا التقييم متعدد الجوانب ويشمل تقييم درجة الاستفادة من العلاج وكذلك للاطمئنان عن ظهور أي أعراض جانبية مؤثرة، لأن الهدف من العلاج هو المحافظة على حياة أفضل بإذن الله.

والسؤال الذي يتبادر تلقائيا لدى السادة متابعي هذه العيادة الصحفية هو:

هل يستفيد الرجل فعليا من تعويض هذا النقص الطبيعي التدريجي في هرمون الذكورة الناتج عن تقدم العمر؟

وهل هناك أعراض جانبية أو مخاطر للعلاج؟

وبالفعل هناك فوائد عديدة عند استخدام العلاج التعويضي لهرمون الذكورة الناقص ويمكن تلخيصها كالتالي:

  • بالنسبة للعظام: هناك تحسن تدريجي بالنسبة لكتلة العظام وتحسن لهشاشة العظام وتقليل عملية ضمور العظام التي تحدث بصورة تدريجية مع التقدم في السن.
  • بالنسبة للعضلات والقوى الجسمانية: فهناك تحسن تدريجي مع تعويض النقص الحادث في هرمون الذكورة وحدوث تحسن في التمثيل الغذائي وتقليل عملية حدوث ضمور تدريجي في عضلات الجسم وكتلة الجسم التي تحدث مع الشيخوخة.
  • أما بالنسبة للوظائف الجنسية والمزاجية: فهناك فوائد عديدة لاستخدام العلاج التعويضي، إذ تحدث زيادة وتحسن تدريجي في القدرة الجنسية والإحساس بالمتعة واللذة الحسية وهناك زيادة تدريجية في معدل مرات ممارسة العلاقة الزوجية وحتى تحسن تدريجي في سهولة الاستثارة الجنسية وحتى بالنسبة للذاكرة والتفكير والقدرة على الأداء العملي.
  • أما بالنسبة للقلب والأوعية الدموية: فهناك علاقة غير مباشرة بين نقص هرمون الذكورة واحتمالات حدوث مشاكل في الدورة الدموية والقلب وهناك تحسن نسبي على مستوى الهرمونات بالدم وتأثيرات مختلفة على عوامل التجلط كما أن له دوراً إيجابياً بالنسبة لتأثير الأنسولين على الأنسجة. وقد بينت بعض الدراسات الطبية الحديثة وجود علاقة بين نقص مستوى هرمون الذكورة في كبار السن وزيادة حدوث احتمالات في أمراض شرايين القلب وحدوث ذبحة صدرية. كما أنه قد يكون مصحوباً بزيادة تدريجية في الدهون الثلاثية بما له من مخاطر على القلب.

ونظرا لمساحة الصفحة، نكمل في العيادة القادمة بإذن الله الحديث عن البدائل العلاجية من ناحية المنافع والمضار المحتملة.

أ.د. صالح بن صالح

×