Site icon الدكتور صالح بن صالح

سرطان الموثة.. مرض الرجال الخفي المميت

الفرق بين تضخم البروستات الحميد وسرطان البروستات

الفرق بين تضخم البروستات الحميد وسرطان البروستات

من أكثر الأورام شيوعاً عند الرجال الذين تجاوزوا الـ 50 سنة من العمر في الولايات المتحدة وأوروبا والبلاد الاسكندينافية مايسمى بالسرطان الخفي وهو الذي يصيب غدة البروستات (الموثة) تحديداً عند الرجال. هذا المرض كذلك يشكل أكثر الأورام المسببة للوفاة بعد أورام الرئة والقولون في الولايات المتحدة الأميركية يصيب واحداً من كل 5 رجال ونسبة الوفيات بسببه هي في حدود 3 %. وهذا السرطان متواجد لدى حوالي 30 % من الرجال بدون أي أعراض سريرية بعد تجاوزهم 50 سنة من العمر كما أظهرته عدة اختبارات تشريحية على جثث رجال توفوا بسبب أمراض لا علاقة لها بهذا الورم وتزيد نسبة تشخيصه إلى حوالي 80 % بعد سن 85 سنة.

هذا الداء منتشر في كل أنحاء العالم، ولكن بنسب مختلفة. ففي أميركا مثلاً يصيب نحو 180 ألف شخص سنويا معظمهم في حالة مبكرة وقابلة للشفاء، أما في المملكة العربية السعودية فالأرقام غير دقيقة مع ظهور 500 إلى 800 حالة جديدة سنوياً في معظمها متقدمة وغير قابلة للشفاء، كما يشكل ثامن أخطر سرطان يسبب الوفاة على مستوى المملكة العربية السعودية ويكون حوالي 7 % من الأورام المسجلة سنوياً لدى السعوديين الذكور.

الفرق بين تضخم البروستات الحميد وسرطان البروستات

تضخم البروستات الحميد كما شرحت في مقال سابق هو حالة تظهر عند معظم الرجال ممن تعدى عمرهم الخمسين سنة حيث تتضخم غدة البروستات محدثة أعراضاً مثل ضعف سريان واندفاع البول وتكراره وخاصة أثناء الليل، وهي حالة حميدة لم يعرف العلم سببًا لها حتى الآن، وتكاد أن تكون من متلازمات الشيخوخة التي لا مفر للإنسان منها، وتختلف حالة تضخم البروستات الحميد اختلافاً كاملاً عن سرطان البروستات حيث إن الخلايا في تضخم البروستات الحميد لا تنقسم، وإنما يزداد حجمها فقط كما لا ينتشر المرض إلى أعضاء أخرى كما هو الحال في سرطان البروستات.

أعراض وعلامات سرطان البروستات

كثير من مرضى سرطان البروستات (30 %) لا توجد عندهم أعراض وعلامات ولا يكتشف المرض عندهم إلا في حالات متأخرة يكون الورم قد ازداد أو انتقل إلى أعضاء أخرى في الجسم. وهناك مرضى آخرون تظهر عندهم أعراض وعلامات مثل: وجود دم في البول أو المني، الحاجة للبول وخاصة أثناء الليل، ألم أثناء التبول، ضعف اندفاع ونزول البول، ألم مستمر في أسفل الظهر وأعلى الفخذين وهذه العلامات قد تختلط وتتشابه مع نفس الأعراض التي قد يشكو منها مريض التهابات البروستات المزمنة أو المصاب بتضخم البروستات الحميد.

الاكتشاف المبكر للمرض

يشكل الاكتشاف المبكر للمرض أهم عامل للشفاء منه بعون الله، لذلك وضع برنامج سنوي متعارف عليه عالمياً للكشف والفحص المنتظم عند الرجال لغرض الكشف المبكر عن سرطان البروستات ويتمثل هذا البرنامج بالفحص الشرجي المنتظم من قبل الطبيب لكل رجل تعدى سن الخمسين سنة (وللرجال الذين تكون لديهم خطر الإصابة أعلى بداية الفحص من عمر 40 سنة). ورغم بساطة هذا الفحص فهو لا يحتاج من الوقت سوى دقائق ولا يحتاج إلى جهاز أو نحوه؛ إلا أننا نجد الكثير من الرجال لا يلتزمون بهذا الفحص من باب الحياء. في هذا الفحص يقوم الطبيب بملامسة الجدار الخلفي للبروستات ومعرفة ما إذا كان بها ورم أو كانت ذات سطح خشن غير ناعم. أما الفحص الثاني فيتم فيه قياس نسبة مادة بروتينية خاصة توجد في الدم وتفرز من البروستات ويعتبر زيادتها عن المستوى الطبيعي مؤشر أولي لاحتمالية إصابة البروستات بالسرطان وتسمى هذه المادة بـ (البي اس آي ), ولاتدل الزيادة في مستوى البي اس آي لوحدها على الإصابة بسرطان البروستات بشكل قطعي، إذ إن مستويات مرتفعة منه يمكن أن تحدث في تضخم البروستات الحميد أو حتى التهابات البروستات، ولذلك توجد العديد من الدراسات الحديثة عن قياس هذا البروتين في البول أاو حتى السائل المنوي بدلاً من الدم لزيادة مستوى الدقة في تحديد وجود تورم في البروستات من عدمه. ونتيجة لعدم دقة هذا الاختبار والتي قد ينتج عنها زيادة في عدد حالات التشخيص بسرطان البروستات في مراحله الأولية التي قد لاتكون ضارة اذا لم تعالج، فقد أصدرت هيئة الخدمات الوقائية الأميركية عام 2012 م ضد التوصية بالاستخدام الروتيني لهذا الفحص للرجال الأصحَّاء، بغضّ النظر عن العمر، وذلك بسبب المخاوف في الإفراط في التشخيص والعلاج مع كون معظم حالات سرطان البروستاتة بدون أعراض، معتبرة أن الفائدة المتوقعة من ذلك الاختبار لا تفوق المخاطر المحتملة.

واجمالاً فإن كلاً الفحصين لا يعطيان التشخيص النهائي في حالة وجود سرطان البروستات لا سمح الله، وإنما يعطيان الطبيب الدافع القوي لعمل فحوصات أخرى في حالة أن يكون هذان الفحصان أو أحدهما غير طبيعي ومن ثم اللجوء لأخذ خزعات من البروستات بالأشعة الصوتية لإثبات أو نفي المرض.

العوامل المؤثرة لحدوث سرطان البروستات

حتى هذه اللحظة أسباب سرطان البروستات لا تزال غير واضحه ولا يوجد تفسير كامل لها، لكن من اهم العوامل التي تزيد من نسبة الإصابة بهذا المرض

الوقاية من سرطان البروستات

-الوقاية الكيميائية

بالرغم من ثبوت جدوى تناول أدوية معينة أو فيتامينات أو معادن في تقليل الإصابات بسرطان البروستات، إلا أن الهيئات الطبية العالمية لم تترجمها حتى اليوم على هيئة إرشادات وقائية واضحة. وهنا يظل الأمر تبعاً لنصيحة الطبيب المتابع للفحوص الدورية التي يُجريها الرجال ضمن جداول معينة نصت عليها الإرشادات الطبية. وعلى سبيل المثال، فإن تناول عقار بروسكار، المستخدم لتخفيف أعراض تضخم البروستات، ثبت أنه يُخفض من الإصابات بسرطان البروستات بنسبة 25 % مقارنة مع من لا يتناولوه ومثله عقار الدوتيستيرايد الذي سجل نسبة انخفاض تراوح 23 %. وتشير دراسات أخرى إلى أن تناول أدوية مسكنات الألم ومخففات الالتهابات من الأنواع غير الستيرويدية، مثل فولتارين وبروفين وغيرهما، تخفض من معدلات الإصابة بسرطان البروستات. من ناحية اخرى بينت دراسة كبيرة أجريت في الولايات المتحدة لتقييم جدوى تناول عنصر السيلينيوم وفيتامين إي E)) عن عدم وجود فائدة لهما في خفض الإصابات السرطانية للبروستات.

أ.د. صالح بن صالح