حصوات المسالك البولية

مع ارتفاع حرارة الجو يزداد جفاف الجسم، ويؤثر ذلك على الصحة بطرق غير مرئية إلى جانب إحساسنا بالعطش، وتقع الكلى تحت هذا التأثير بشكل مباشر. تعتبر حصوات المسالك البولية من الأمراض الأكثر شيوعاً في المناطق الحارة وفي المملكة على وجه الخصوص، حيث يصل معدل حدوث تكوين الحصوات إلى 2 – 3 % بصفة عامة بينما يتراوح معدل تكرار حدوث الحصوات من 10 % في السنة الأولى من علاج النوبة الأولى إلى 50 % في خلال عشر سنوات من نفس النوبة، ومن ثم تخف هذه النسبة بعد ذلك. وتوجد هناك العديد من الأسئلة لدى كل مريض بحصوات المسالك البولية من المناسب التطرق لها هنا:

  • ما الحصوة الكلوية؟
  • تتكون الحصوة من بلورات ملحية تنفصل من البول وتتجمع على الجدار الداخلي للكلى أو المثانة،

يحتوي البول بشكل طبيعي على مواد تمنع تكوين هذه البلورات، ولكن هذه الموانع الطبيعية قد لا تكون موجودة عند بعض الأشخاص وبالتالي تتكون الحصوة عندهم. وبصفة عامة تتكون الحصوة إذا توافرت ثلاثة عوامل لها: الإشباع (زيادة تركيز الأملاح في البول) والتبلور (أي الترسب حول بعضها البعض) وأخيراً الجفاف (قلة السوائل داخل الكلىة).

أكثر أنواع الحصوات انتشاراً تحتوي على كالسيوم مع فوسفات أو أوكسالات وهذه التركيبات موجودة بشكل طبيعي في الغذاء اليومي لكل فرد وتقوم بتكوين أهم أجزاء جسم الإنسان مثل العظام والعضلات.

  • ما أسباب ظهور حصوة الكلى؟
  • هذا السؤال هو امتداد للإجابة السابقة لكن السبب الرئيس في ظهور الحصوة الكلوية غير معروف تحديداً، لكن هناك بعض الأطعمة التي تساعد على تكوين الحصوة عند بعض الناس. ومن المعروف أيضاً أن الجينات الوراثية قد تكون لها تأثير في إصابة بعض الناس؛ حيث إن الشخص الذي لديه تاريخ مرضي لأحد أفراد أسرته للإصابة بالحصوة الكلوية يكون أكثر عرضة للإصابة من غيره.

وهناك أيضاً بعض الأمراض التي تكون لها علاقة كبيرة بتكوين الحصوات الكلوية مثل الالتهابات المتكررة في المسالك البولية وضيق قناة مجرى البول، أو حدوث أية مشكلات أو خلل في الكلى مثل أمراض حويصلة الكلى أو خلل التمثيل الغذائي.

  • التشخيص
  • هناك أنواع حصوات تكون ساكنة (صامتة)، أي لا يوجد لها أعراض ظاهرة ويتم اكتشافها فقط عن طريق الأشعة وهذه الحصوات قد تمر دون ملاحظتها.

قد يتم اكتشاف حصوة الكلى أيضاً عن طريق عمل الأشعة لشخص يعاني من وجود دم في البول أو ألم في الخاصرة أو التهابات متكررة في البول.

تعطي الأشعة فرصة كبيرة للطبيب لفحص مدى حجم وشكل الحصوة ومكانها في الجسم. أما بالنسبة لاختبارات الدم والبول فهي تساعد على اكتشاف أي مواد غريبة قد تساعد في تكوين حصوة مع مرور الوقت مثل زيادة في الأملاح أو وجود علامات التهاب، كما يساعد فحص البول لمعرفة إذا ما كانت الحصوة قابلة للإذابة بالأدوية.

  • أعراض الإصابة بحصوة الكلى
  • تبدأ الأعراض الأولى لحصوة الكلى بألم شديد ومفاجئ عندما تبدأ الحصوة بالحركة في قناة مجرى البول، وبالتالي يحدث حك أو انسداد في القناة، وقد يشعر المريض بألم شديد وشد عضلي على جانبي منطقة الكلى أو في أسفل البطن، كما قد تحدث أحياناً حالة من القيء والغثيان مصاحبة للألم.

إذا كان حجم الحصوة كبيراً ويصعب خروجها من قناة مجرى البول فيزيد الألم بشكل كبير حيث تقوم العضلات الموجودة في جدار الحالب بعصر هذه الحصوات لمحاولة إخراجها إلى المثانة، وعندما تكبر الحصوة أو تتحرك قد يجد المصاب دماً في البول.

وعندما توجد الحصوة في أسفل الحالب وبالقرب من المثانة قد يشعر المريض بحاجة ملحة ومستمرة للتبول ويشعر أيضاً بحرق شديد أثناء التبول، تجدر الإشارة إلى أنه إذا شعر المريض بارتجاف وسخونة مصاحبة لهذه الأعراض السابقة فقد تكون هناك إصابة بالتهاب مع انسداد في الكلية ويجب مراجعة الطبيب دون تأخير.

يجب على المريض أن يراجع الطبيب المختص بمجرد ظهور أي من الأعراض السابقة أو في حالة حدوث حالات مماثلة بالأسرة التي هو فرد منها، وكلما كان التشخيص مبكراً كلما كانت دائرة العلاج واسعة.

  • علاج الحصوات الكلوية
  • معظم الحصوات الموجودة بالكلى يمكن علاجها من دون أية جراحات، معظم الحصوات يمكن خروجها من الجهاز البولي عن طريق شرب كمية كبيرة من المياه يومياً (حوالي من 2.5 إلى 3.5 لترات) وراحة لمدة يومين للمريض مع تناول بعض العقاقير التي قد يصفها الطبيب.
  • الوقاية
  • إذا تعرض أي شخص للإصابة بأكثر من حصوة في الكلى من قبل، فهو بذلك أكثر عرضة من غيره للإصابة مرة أخرى، لذلك فالوقاية وتجنب تكوين حصوة مرة أخرى شيء مهم جداً في عملية العلاج.

يقوم الطبيب المعالج بالاستفسار عن التاريخ المرضي للمريض والعادات الغذائية له، وكذلك بعمل اختبارات دم وبول في المعمل.

في حالة خروج الحصوة، يقوم الطبيب بفحصها لتحديد مكوناتها، وقد يطلب الطبيب من المريض تجميع البول لمدة 24 ساعة ودراسته بعد خروج الحصوة؛ وذلك لقياس مستوى الحمضية في البول ومعرفة تركيزات الأملاح والمواد الطبيعية المانعة أو المكونة للحصى.

  • تغيير نمط الحياة
  • أفضل وأهم تغيير في نمط الحياة يجب أن يقوم به المريض هو شرب كمية كبيرة من السوائل يومياً وخاصة المياه، بالنسبة للشخص الذي يتم علاجه والتخلص من وجود حصوة في الكلى، يجب عليه شرب كمية كبيرة من السوائل يومياً والتي تجعله يخرج حوالي 2.5 لتر بول كل 24 ساعة.

وبناء على تحليل الحصوة ودراسة عينة البول المجمعة لمدة 24 ساعة قد ينصح الطبيب بتقليل أو تجنب أنواع معينة من الأطعمة والمشروبات مع وصف بعض الأدوية الوقائية التي تقلل من تركيز الأملاح في البول.

  • العلاج الجراحي
  • هناك بعض أنواع الجراحات قد تكون مطلوبة لإزالة حصوة الكلى أو الحالب أو المثانة، ومن أهم دواعي التدخل الجراحي ما يلي: إذا لم نتمكن من تذويب هذه الحصوة أو إخراجها بشكل طبيعي باستخدام الوسائل السابق ذكرها مع مرور الوقت، وأيضاً إذا كانت تسبب ألماً شديداً، أو إذا كان حجم هذه الحصوة كبيراً ولا يمكن خروجها من قناة مجرى البول، أو إذا صاحب الحصوة بعض التطورات السلبية مثل النزيف أو الالتهاب الكلوي أو انسداد مجرى البول فعندئذ يكون التدخل الجراحي أمراً مطلوباً.
  • أنواع الجراحات
  • كانت عملية إزالة الحصوة منذ فترة قريبة تعتبر عملية مؤلمة للغاية وتتطلب فترة نقاهة طويلة من 4 إلى 6 أسابيع، ولكن الآن أصبحت هذه العملية متطورة جداً، وهناك طرق كثيرة يمكن إجراؤها من دون الحاجة إلى جراحة كبيرة:

1 – عملية تفتيت الحصوة من خارج الجسم (الموجات التصادمية):

هذه الطريقة هي أكثر الطرق انتشاراً في علاج حصوات الكلى، وهي عبارة عن ذبذبات من خارج الجسم وتنتقل من خلال جلد الجسم وأنسجته حتى تخترق هذه الذبذبات الحصوة وتقوم بتفتيتها.

هناك أجهزة مختلفة لتفتيت الحصوة، ويتم استخدامها بطرق مختلفة أيضاً، ومعظم هذه الأجهزة تكون مزودة بأشعة إكس أو موجات فوق الصوتية، وذلك لمساعدة الجراح على تحديد مكان الحصوة أثناء العلاج. تتم هذه العملية بسهولة تحت التخدير الموضعي ويستطيع المريض الخروج من المستشفى في نفس اليوم واستعادة نشاطه الطبيعي في وقت قصير.

2 – عملية شق الكلية عن طريق الجلد وإخراج الحصوة بالمنظار:

عندما يكون حجم الحصوة كبيراً إلى درجة كبيرة ولا يستطيع الطبيب إزالتها عن طريق عملية التفتيت، فيفضل استخدام هذه الطريقة في التخلص من حصوة الكلى، يقوم الطبيب بعمل فتحة صغيرة في الظهر وشق طريق من الظهر إلى الكلى مباشرة مستخدماً آلة خاصة وتزال بها الحصوة.

3 – إزالة الحصوة بالمنظار الداخلي:

تستعمل هذه الطريقة في الغالب لعلاج حصوات الحالب، ومع أن حصوات الحالب يمكن علاجها بالموجات التصادمية إلا أن طريقة المنظار تعتبر أكثر فعالية في الحصوات السفلية في الحالب أو تلك الحصوات التي لا تستجيب للعلاج التصادمي. في هذه الطريقة لا يحتاج الطبيب إلى عمل شق أو فتحة كما هي الحال في الطريقة السابقة للكلية، وهنا يقوم الطبيب بإدخال منظار الحالب من خلال مجرى البول والمثانة حتى يصل إلى الحالب، ثم يقوم الجراح بتحديد مكان الحصوة ويقوم بإزالتها كلياً أو تكسيرها إلى أجزاء صغيرة مستخدماً آلات مخصوصة تحدث ذبذبات لتفتيت الحصوة وأشهرها هو جهاز الليزر.

4 – الجراحة التقليدية:

في حالات نادرة يتم اللجوء إلى الجراحة التقليدية كما في حالة الحصيات المتشعبة داخل الكلية وكؤوسها، ولكن مع تطور وسائل المعالجة الجراحية أصبح اللجوء إلى فتح الكلية أو المثانة أو الحالب لإخراج حصوة منها في حدود النادر جداً.

  • العلاج الدوائي
  • حيث تعطى للمريض الأدوية الموسعة للمسالك البولية والمدرة للبول والمضادات الحيوية والمسكنات التي تخفف من هذه الآلام، وهناك بعض الأدوية التي تذيب الحصيات وبالطبع ينبغي أن يتم تناول مثل هذه الأدوية وفقاً لإرشادات الطبيب، وعادة ما تطرح بقايا الحصوة بالبول بعد تفتيتها.

وختاماً تظل الوقاية خيراً من العلاج، وفي حالة حصوات المسالك البولية أسوق لكم متابعي الصفحة الطبية النصائح المهمة التالية للتقليل من فرص تكونها:

1 – الإكثار من شرب الماء وخصوصاً أثناء ارتفاع درجات حرارة الجو، ويجب شرب ما لا يقل عن 2 لتر من السوائل أي ما يعادل ثمانية أكواب بحجم 250 مل.

2 – الامتناع عن شرب مياه الحنفيات إلا بعد استخدام فلتر عام داخل البيت أو غلي مياه الحنفيات إلى درجة لا تصل إلى الغليان ثم تُترك حتى تترسب الأملاح أسفل الوعاء ويصب الماء برفق لتبقى ترسبات الأملاح ثم يُشرب الماء وتترك الأملاح.

3- الامتناع عن شرب المشروبات الغازية وعصير الجريب فروت والتقليل من شرب القهوة والشاي ومحاولة الإكثار من شرب عصير الليمون والبرتقال.

4 – التقليل من تناول الأغذية المحتوية على الكالسيوم في حال حصوات الكالسيوم مثل اللبن ومشتقات الزبدة والجبن وبياض البيض والطماطم الطازجة، بينما في حالة حصى حامض اليورك فالوقاية منها بالامتناع أو التقليل من اللحوم وخصوصاً الحمراء كلحوم الأغنام والأبقار والجمال ويفضل استبدالها باللحم الأبيض كالأسماك أو الدجاج لاحتوائه على نسبة قليلة من حامض اليورك.

5 – قد ينصح الطبيب بتقليل تناول الملح (الصوديوم) في حالة الإصابة بحصى الكالسيوم، وتتكون حصى الكالسيوم نتيجة لوجود نسبة عالية من الصوديوم والتي تفقدك المزيد من الكالسيوم في البول مما يعرضك لمزيد من تكون الحصى. كما يجب تجنب الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الأوكسالات مثل الفول السوداني والشاي والقهوة السريعة التحضير والشوكولاتة والتوت الأحمر والفراولة والجزر والفاصوليا والبطاطس المقلية والبطاطا الحلوة والخضراوات الورقية الداكنة اللون كالسبانخ والكرفس.

6 – التركيز على استعمال البقدونس إذ يعتبر نبات البقدونس من النباتات المدرة التي تمنع تكون حصوات الكلية، وقد أثبتت الدراسات أن عمل شاي من البقدونس بمقدار ملعقة صغيرة من الجذور الجافة للنبات لكوب من الماء الذي سبق غليه ويشرب مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم مفيد لمرضى الحصوات البولية.

أ.د. صالح بن صالح

×