أملاح كثيرة في البول

البول أعزكم الله هو سائل يتكون من الماء وفضلات الجسم، ويشكل الماء ما نسبته 95 % من حجم البول، أما المواد الصلبة فتشكل 5 % من حجمه.

والبول أحد أشكال خروج الفضلات من الجسم، حيث تقوم الكليتان بتكوينه ثم يتم تجميعه في المثانة إلى حين امتلائها وخروجه من الجسم عن طريق مجرى البول. ومن الفضلات التي تخرج عن طريق البول الأمونيا، واليوريك أسيد، واليوريا، والكرياتينين، وأكثر هذه المواد وجودًا في البول هي اليوريا، كما يتكون البول إلى جانب هذه الفضلات من الماء وكلوريد الصوديوم، وهناك عناصر كثيرة أخرى تخرج من الجسم عن طريق البول كالبوتاسيوم والمغنيسيوم.

ويعتبر البول وخصائصه بالإضافة إلى فحصه أحد أهم المؤشرات التي تعطي فكرة عن صحة الجسم وفعاليته في أداء وظائفه.

فرائحة البول مثلاً قد تدل أحياناً على وجود مشاكل معينة، ومع أن للبول رائحة مميزة طبيعية خاصة بول الصباح والذي تكون رائحته نفاذة وقوية مقارنة بباقي اليوم وذلك نتيجة تخزينه في المثانة لفترة طويلة أثناء النوم دون تبول إلا أن الطبيعي ألا تكون للبول رائحة قوية أو نفاثة باقي اليوم، وهناك أسباباً كثيرة نوردها تباعاً تؤدي إلى حدوث تغير في رائحة البول وبعضها يستدعي المعاينة الطبيه العاجلة واخذ العلاج المناسب دون إهمال لما يترتب عليها من مشاكل صحية خطيرة.

أسباب تغير رائحة البول:

1 – تناول بعض الأطعمة والأشربة قد يؤدي إلى تغير رائحة البول كتناول الهليون والثوم والبصل والقهوة والسلمون وبعض التوابل، مثل الكاري والملح الكثير.

2 – تناول بعض الأدوية خاصة المضادات الحيوية التي تحتوي على مادة السلفونامايد، او تناول المعادن والفيتامينات يمكن أن يؤثر في رائحة البول أيضاً بسبب وجود نكهات صناعية مختلفة في هذه العقاقير.

3 – الجفاف: يحدث الجفاف عندما تتجاوز كمية السوائل المفقودة كمية السوائل المستهلكة، وعندها لا بد أن يقل حجم البول نتيجة انخفاض حجم الماء فيه، مما يؤدي إلى زيادة تركيز المواد الصلبة في البول، لذا يخرج البول بلون أغمق وبرائحة قوية وهي رائحة الأمونيا، والتي هي إحدى الفضلات التي تخرج من الجسم عن طريق البول كما أشرنا سابقاً، ويمكن أن تكون أسباب الجفاف بسيطة؛ كعدم شرب كميات كافية من الماء، أو قد يكون سبب الجفاف نتيجة أعراض مرضية مثل الاستفراغ، والإسهال، وارتفاع درجة الحرارة، كما أنّ هناك العديد من الحالات المرضية التي تؤدي إلى حدوث الجفاف؛ كالإصابة بالحروق. وإذا كانت رائحة البول الكريهة سببها الجفاف الناجم عن عدم شرب كميات كافية من الماء؛ فالحل بسيط ويكون بشرب الشخص كميات كافية من الماء، وبالتالي حصوله على كميات وافية من السوائل التي يحتاجها الجسم، أما إذا كانت نسبة الجفاف كبيرة أو كان الجفاف ناجماً عن مشاكل أكبر من مجرد عدم شرب كميات كافية من الماء كأن يكون نتيجة التهاب بكتيري أو فيروسي في المعدة؛ فهنا يجب تصحيح الجفاف بتزويد المريض بالسوائل عن طريق الفم أو عن طريق الوريد إذا كان الجفاف شديداً، بالإضافة إلى إعطاء مضاد حيوي مناسب لحالة المريض إذا كان الالتهاب نتيجة عدوى بكتيرية. والخلاصة انه يجب استقصاء سبب الجفاف إذا كان شديداً، وخاصة عندما تصاحبه أعراض أخرى إلى جانب رائحة البول الكريهة.

4 – التهاب المسالك البولية: يتكون الجهاز البولي من الكليتين والحالبين والمثانة والإحليل، المثانة والإحليل يشكلان المسالك البولية السفلى، وإذا حدث التهاب في المسالك البولية عند هذا المستوى فإن الأعراض التي تظهر على المريض هي: حدوث حرقة أثناء التبول، وزيادة عدد مرات الذهاب إلى الحمام، ويمكن أن يصاحب البول دم أو يكون البول عكراً، بالإضافة إلى إمكانية شعور الشخص بألم في أسفل بطنه، وأن تكون رائحة البول كريهة. أما الكليتان والحالبان فيشكلان المسالك البولية العليا، وحدوث التهاب فيها يؤدي إلى ظهور أعراض أخرى عند الشخص المصاب وتتمثل في: ارتفاع في درجة الحرارة، والإحساس بالألم عند منطقة الخاصرة، بالإضافة إلى القشعريرة والاستفراغ والشعور بالغثيان، ولهذا فإن التهاب المسالك البولية خاصة الجزء السفلي هي أحد الأسباب التي تؤدي إلى جعل رائحة البول كريهة وسيئة ويعود ذلك إلى أن البكتيريا المرضية تقوم بتحويل اليوريا إلى نشادر (امونيا). كما يمكن أن تكون رائحة البول مثل رائحة السمك الفاسد نتيجة التهاب بولي بنوع معين من البكتيريا مثل البروتيس ومثيلاتها.

ومن ناحية اخرى، فإن الالتهابات الحاصلة في المهبل عند النساء والناتجة عن عدوى فطرية “Yeast infection” تتسبب في تغير في رائحة البول، ليصبح أقرب إلى رائحة الخميرة، بسبب قرب مجرى البول من الأعضاء التناسلية عند النساء.

5 – وجود ناسور بين المثانة والأمعاء: حدوث ناسور يصل ما بين المثانة والأمعاء؛ ويعني ذلك حدوث اتصال غير طبيعي بين هذين العضوين يؤدي إلى تسرب أجزاء من الأمعاء إلى المثانة والعكس، مما يؤدي إلى خروج رائحة كريهة للبول، بالإضافة إلى وجود أجزاء من البراز في البول، ويحدث الناسور بسبب حدوث التهاب في منطقة المثانة أو الأمعاء، أو بسبب الالتصاقات نتيجة إجراء العمليات المتكررة. وفي حالة الشك بوجود مثل هذه الحالة يتم إجراء الفحوصات المخبرية اللازمة التي من بينها فحوصات الدم وتوازن الأملاح في الجسم التي من الممكن حدوث اختلال في نسبتها نتيجة تكون الناسور، بالإضافة إلى إجراء تنظير للجهاز الهضمي والمثانة، وإجراء صورة أشعة ملونة لمنطقة البطن والحوض، وتقييم حالة المريض الصحية ككل، بالإضافة إلى إجراء فحص بول. وفي أغلب الحالات يكون العلاج عن طريق التدخل الجراحي لترميم المنطقة المتأثرة بالإضافة إلى علاج الحالة المرضية التي أدت إلى تكون الناسور منعا لتكراره.

6 – استخدام المنظفات المهبلية الكيمائية: المبالغة في تنظيف المهبل باستخدام المنظفات الكيميائية لا يؤدي فقط إلى وجود البكتيريا الضارة، التي تضر بصحة الأعضاء التناسلية بوجه عام، لكنها تؤثر على رائحة هذه المنطقة وتفاقم الرائحة الكريهة من البول، بالإضافة إلى حدوث خلل في توازن درجة الحموضة PH.

7 – أسباب أخرى: هناك أسباب عديدة أخرى تؤدي إلى تغير رائحة البول، لكن هذا لا يعني أن تتغير رائحة البول وتصبح بالضرورة كريهة؛ فمثلاً إصابة الشخص بمرض السكري تؤدي إلى خروج البول برائحة تشبه رائحة الفواكه، كما أن الإصابة بالمرض النادر المسمى داء شراب القيقب (Maple syrup urine disease) الذي يؤدي إلى عدم تكسير أنواع معينة من الأحماض الأمينية، ويؤدي إلى خروج البول برائحة تشبه رائحة شراب القيقب، كما أن الإصابة بالحماض الكيتوني السكري (Diabetic ketoacidosis) يؤدي إلى خروج الكيتونات مع البول والتي تؤدي إلى تغير رائحة البول إلى رائحة تشبه الفواكه.

وفي الختام أود الإشارة إلى أنه وبخلاف مايعتقده الكثير من الناس خاصة السيدات فإن الحمل لا يغير من رائحة البول بحد ذاته إلا إذا تصاحب بوجود أي من العوامل المذكورة أعلاه.

أ.د. صالح بن صالح

×