الهربس التناسلي.. الطب لم يكتشف علاجاً فعالاً للشفاء التام منه!

عرف مرض الهربس في الأزمنة الغابرة منذ أيام (ابقراط) وكان يحمل أسماء مختلفة، وأول من وصف المرض بطريقة مبدئية هو (رتشارد مورتون) عام 1694م، ولكن لم توضح التفاصيل الدقيقة لمرض الهربس إلا بعد القرن التاسع عشر وبالتحديد في عام 1940 م. وأعطي الاسم المعروف حالياً في المؤتمر الدولي عام 1953م.

مرض الهربس يصيب الجنس البشري الذي يعد الملجأ الطبيعي للفيروس. وتقدر عدد الاصابات به بحوالي 20 مليون شخص سنويا كما انه يقدر ان واحدا من كل 5 بالغين مصاب بالهربس في الولايات المتحدة لوحدها. وينتشر المرض في المناطق المزدحمة وخاصة في المجتمعات الفقيرة التي تقل بها الرعاية الصحية والاجتماعية.

وبعد الإصابة بمرض الهربس قد لا يختفي الفيروس تماماً بل يكمن في العقد العصبية وتحت ظروف معينة يهاجم الجسم ويصيب الجلد والغشاء المخاطي. ويمكن العثور على الفيروس في إفرازات اللعاب والمخاط وفي أماكن الإصابة التي بدورها تشكل عاملا مهماً في انتشار مرض الهربس. وفي حالات أخرى خاصة مرض الهربس بالجهاز التناسلي قد ينقل حامل الفيروس العدوى لغيره دون ظهور أعراض المرض عليه.

الفيروس ناقل مرض الهربس على نوعان:

• النوع الأول: «HSV1» يسبب العدوى بالشفاه والوجه ومناطق أخرى.

• النوع الثاني: «HSV2» يصيب المنطقة التناسلية والشرج وهو المقصود بهذه الحلقة.

تجدر الاشارة الى انه في الدراسات الحديثة وجد أن النوع الأول قد يصيب الجهاز التناسلي خاصة في الشواذ جنسياً.

انتشار الهربس التناسلى:

ينتشر فيروس الهربس التناسلى بسهولة وذلك عن طريق ملامسة الشخص المصاب بالعدوى فهو يدخل إلى جسم الشخص السليم من خلال جرح فى الجلد أو من خلال اغشية الفم أو العضو التناسلي أو فتحات الجهاز البولى أو عنق الرحم أو فتحة الشرج. وينتشر الهربس عادة عندما تظهر القرح والبثرات فى الشخص المصاب، لكنه من الممكن أن ينتشر الفيروس فى أى وقت بدون ظهور أية أعراض.
هربس النوع الثاني في طفل رضيع

وينتشر الهربس التناسلى غالباً من شخص لآخر عن طريق الاتصال الجنسى بكافة اشكاله، ومن الممكن أن ينتشر فى جسم الشخص من مكان لآخر مثل انتشاره من الأعضاء التناسلية إلى الأصابع ثم إلى العينين وأي مناطق أخرى فى الجسد. كما أنه من الممكن أن ينتشر الهربس من الأم لجنينها عند الولادة.

مراحل العدوى بالهربس التناسلى:

بمجرد أن يتعرض الشخص للعدوى بالفيروس، فسيمر بمراحل مختلفة كالتالى:

  • المرحلة الأولى: تبدأ هذه المرحلة في الغالب بعد مرور 2-8 أيام من العدوى أو قد تأخذ أكثر من ذلك احيانا، وغالباً ما تسبب العدوى مجموعة من البثرات الصغيرة المؤلمة في المناطق التناسلية وقد يكون السائل التى يوجد بها صافٍ أو عكر والمنطقة المحيطة بالبثرات حمراء وقد تفتح بسهولة وتتحول إلى قرح مفتوحة، وعند بعض المصابين قد لا تظهر البثرات مطلقاً.

كما قد يكون هنالك ألم يصاحب عملية التبول، أو ظهور حرارة أو أعراض تشبه الأنفلونزا. وعلى الرغم من أن غالبية الأشخاص تمر بهذه المرحلة عند إصابتها بالهربس التناسلى إلا ان بعضهم الآخر لا يمر بها مطلقاً وقد لا يدركون الإصابة بعدوى الهربس التناسلى.

  • فترة الحضانة (مرحلة السكون): خلال هذه المرحلة لا تظهر أية اعراض أو بثرات أو قرح، حيث ينتقل فى هذه المرحلة من الجلد إلى الأعصاب الموجودة في العمود الفقرى.
  • مرحلة النشاط (الانتشار): التي يتضاعف فيها الفيروس فى الأعصاب وينتشر فى سوائل الجسم مثل اللعاب والسائل المنوى وسوائل المهبل. ولا توجد أعراض أيضاً خلال هذه المرحلة لكنها مرحلة خطيرة للانتشار ونقل العدوى.
  • مرحلة عودة الإصابة مرة أخرى: قد تعود البثرات والقرح للظهور مرة أخرى بعد ظهورها لأول مرة واختفائها وهذا ما يسمى بإعادة الحدوث أو الإصابة ولا تكون الأعراض مثل المرة الأولى فى الشدة.


هربس النوع الثاني في الساعد

وتوجد العديد من الاسباب التي تؤدي لتنشيط الفيروس منها: الضغوط، المرض، التعرض للإجهاد، التعرض الطويل للشمس، أو أثناء فترة الدورة الشهرية عند السيدات وغيرها من الاسباب. وقد يعرف الشخص عودة الإصابة بالهربس التناسلى وذلك بظهور بعض الأعراض مثل الحكة – التنميل – أو الألم فى المناطق المصابة سالفاً بالعدوى.

مضاعفات مرض الهربس التناسلي:

  • ندبات وتشوهات ظاهرة في مكان الإصابة.
  • تضخم والتهاب حاد بالأعضاء التناسلية.
  • الجنين: إذا كانت الأم مصابة بمرض الهربس التناسلي فإن الفيروس قد يصل إلى الأعضاء الداخلية للجنين مثل الكبد والمخ ويؤدي إلى موت الجنين. لهذا ينصح باجراء عملية قيصرية عند الولادة إذا ثبت أن الأم تحمل فيروس الهربس التناسلي بعنق الرحم أو المهبل. كما أن الجنين قد يصاب بتشوهات خلقية وعاهات مستديمة.
  • الإجهاض.
  • سرطان العضو التناسلي بالذكور خاصة بين الغير مختنين.
  • سرطان عنق الرحم.
  • التهاب الكبد أو السحايا وقد يؤدي إلى الوفاة.

هل يوجد علاج للهربس التناسلى؟

لايوجد علاج فعال للشفاء التام من المرض، ولكن الأدوية تساعد على سرعة الشفاء وتقلل من آلام القرح والبثرات عند العديد من الأشخاص، مثل عقار (Acyclovir) وتوجد منه أقراص تعالج المرحلة الأولى أو مرحلة حدوث أو عودة الإصابة مرة أخرى، ومن الممكن أن يوقف أو يقلل من مرات حدوثه، كما يوجد منه كريم يوضع على البثرات لتقليل الآلام. كما يوجد غيره من الأدوية الأخرى التى تساهم فى منع حدوث الإصابة مرة أخرى بالهربس التناسلى أو تساعد في علاجه مثل (Valtrex – Famvir).

تجدر الاشارة الى وجود العديد من المحاولات لتطوير لقاحات وقائية من هذا المرض والتي لاتزال في طور الابحاث.

نصائح لتخفيف آلام الهربس التناسلى:

  • العلاج بالعقاقير المسكنة مثل مضادات الالتهاب : الأسبرين أو أستيامينوفين أو إيبوبروفين.
  • وضع قماشة أو ضمادة بماء فاتر أو بارد على مكان التقرحات.
  • الاستحمام بماء فاتر.
  • الحرص على بقاء المنطقة المصابة جافة ونظيفة.
  • ارتداء ملابس داخلية قطنية.
  • ارتداء ملابس فضفاضة واسعة.

الاتصال الجنسى والهربس التناسلى عند احد الزوجين:

للأسف لامفر من العدوى بالهربس التناسلى عن طريق الاتصال الجنسى اذا كان احد الزوجين مصابا وخاصة عند وجود تقرحات. يمكن استخدام الواقى لتقليل مخاطر العدوى لكنه لا يمنع الإصابة كلية بالهربس التناسلى.

انتقال العدوى من الأم الحامل لجنينها:

إذا كانت المرأة حاملاً ومصابة بالهربس التناسلى يتوجب عليها إخبار الطبيب المتابع لها على الفور لأن العدوى قد تنتقل لجنينها وخاصة فى وجود التقرحات. وإذا انتقلت العدوى للجنين فالحالة ستكون صعبة وخطيرة للغاية، فالطفل مادام فى رحم الأم فهو آمن لكن إذا مر بقناة الولادة والمصابة بالعدوى فستنتقل إليه العدوى وحينئذ يلجأ الطبيب إلى الولادة القيصرية حتى لا يمر الطفل بقناة الولادة والمهبل.

أ.د صالح بن صالح

×