تشير الدراسات الطبية الى ان التهابات المسالك البولية تأتي في الترتيب الثاني من حيث الشيوع بعد التهابات الجهاز التنفسي، وتزداد التهابات المسالك البولية لدى الإناث بأربعة أضعاف أكثر من الذكور وخاصةً عند الأطفال بعد السنة الأولى من العمر، وتعود أكثر المسببات لهذه الالتهابات الى البكتريا (وأشهرها بكتيريا ايشيريشيا كولاي التي تعيش طبيعيا في أمعائنا)، إذ تصل هذه البكتيريا إلى المسالك البولية من طرق مختلفة مثل الإنتقال الصاعد عن طريق الأحليل وهي الطريقة الأكثر حدوثا او الانتقال عن طريق الدم أو الجهاز الليمفاوي، كما يمكن ان تكون العدوى مباشرة عن طريق ناسور موصل بين الأمعاء والمثانة البولية (قناة تتكون بسبب الأمراض أو العمليات الجراحية بينهما).
وتتم الإصابة بالتهاب المسالك البولية عن طريق صعود البكتيريا على ثلاث مراحل: ففي المرحلة الأولى يتم تلوث منطقة الأحليل اوالمهبل بالبكتيريا من فتحة الشرج أو من التهاب سابق لم يعالج تماماً، وفي المرحلة الثانية يكون انتقال البكتيريا عن طريق الإحليل صعودا إلى المثانة البولية، ومن المهم الإشارة الى ان أحليل الأنثى القصير يسهل هذه العملية، أما بالنسبة للرجل فإن طول الإحليل النسبي وإفرازات البروستات يكونان مانعا أمام انتشار البكتيريا. وفي المرحلة الثالثة يتم تكاثر البكتيريا في المثانة البولية. وبعد المرحلة الثالثة يكون انتقال البكتيريا من المثانة إلى الكلية (الالتهاب الصاعد) سهلاً، خاصة في حال وجود احد العوامل المساعدة على هذا الإنتقال مثل ارتجاع البول من المثانة إلى الحالب اوعيوب الجهاز البولي الخلقية او ضعف المناعة كحال مرضى السكري او المرضى الخاضعين لعلاجات تخفيض المناعة مثل مرضى زراعة الكلى.
ويمكن تقسيم التهابات المسالك البولية الى قسمين رئيسيين من ناحية الأعراض وطريقة العلاج: 1- التهاب المسالك البولية السفلي ويشمل التهاب المثانة البولية الحاد او الأحليل او البروستات. 2- التهاب المسالك البولية العلوي ويشمل التهاب حوض وكبيبات الكلية الحاد. وتشفى معظم حالات التهاب الكلى البكتيرية (90%) من دون مضاعفات أو تحطيم لأنسجة الكلية، بينما تحدث انتكاسات في 10 في المائة من الحالات (معاودة الالتهاب). وتوجد العديد من العوامل التي تزيد من نسبة احتمال حدوث مضاعفات وتحطم للأنسجة الكلوية ومنها: وجود عيوب خلقية في الكلية مثل تكيس الكلى المتعدد، ارتجاع البول من المثانة إلى الحالب، وجود حصى في المسالك البولية، وجود انسداد في المسالك البولية مهما كان سببه، وجود أمراض مزمنة أخرى، مثل داء السكري وتكسر كريات الدم الحمراء في الأنيميا المنجلية، وكذلك كثرة استهلاك الأدوية المسكنة.
وتظهر أعراض الالتهاب البولي بعدة صور مثل زيادة في عدد مرات التبول خلال النهار والليل، وحُرقه أثناء التبول وألم في المنطقة فوق العانة (أسفل البطن)، كما يمكن أن يصاحب هذه الأعراض بول دموي ورائحة بول كريهة. وهذه الأعراض غالباً تحدث في التهابات المسالك البولية السفلي (التهاب المثانة البولية)، أما الالتهاب العلوي (الكلي) فإنه يكون غالباً مصحوباً بارتفاع حاد في حرارة الجسم وألم في الخاصرة وتعب وإرهاق عام، ولكن لا نستطيع أن نحكم من هذه الأعراض فقط على نوع او مكان الالتهاب.
وفي حال الأطفال والذين من الصعب معرفة ما يشتكون منه، تكمن خطورة التهابات المسالك البولية الى ان اعراضها لا تكون دوما واضحة للوالدين خاصة في المراحل الاولى من حياة الطفل التي يفتقد فيها للقدرة على التعبير مما يؤدي الى تأخر في التشخيص ومن ثم الى تطورات وخيمة قد تؤثر على نمو الكلية ومن ثم وظيفتها. وتختلف أعراض الإصابة بالتهابات الجهاز البولي عند الأطفال حسب مكان الإصابة في الجهاز البولي وحسب عمر الطفل، فبالنسبة للرضع وصغار السن تكون الأعراض غير واضحة وتشمل البكاء المستمر، ورفض الرضاعة وانخفاض الشهية والتقيؤ وقد تكون الحمى هي العرض الوحيد مع اختفاء أية أعراض أخرى عند الطفل، أما في الأطفال الأكبر سنا فيشتكي الطفل من الحرقان أثناء التبول وتغير لون البول أو رائحته مع الرغبة بالتبول بشكل متكرر يصاحبها آلام في أسفل البطن، وفي حال وصول الالتهابات إلى الكليتين فإن الأعراض تكون غالبا أكثر شدة فتظهر الحمى التي يصاحبها نوبات من الرعشة وآلام في منطقة الخاصرة ويظهر التعب والإرهاق على الطفل.
نصائح لحالات إلتهابات المسالك البولية المتكرر:
- شرب كمية لاتقل عن 2 لتر ماء يومياً.
- التبول المنتظم كل 2-3 ساعات.
- التبول قبل الخلود للنوم ليلاً و بعد المعاشرة مباشرة.
- تجنب استخدام المواد الكيماوية أو مستحضرات الفقاعات عند الاستحمام في البانيو Bubble Baths.
- تجنب حدوث الإمساك, الذي بدوره يعرقل إخلاء المثانة من البول.
- ينصح المتخصصون في طب الأعشاب بتناول 3 أكواب يومياً من نقيع أوراق وجذور البقدونس بانتظام.
- شراب التوت البري والذي يساعد على تقليل معاودة الإلتهاب البولي بنسبة 30%.
- عدم الإكثار من تناول المضادات الحيوية دون سبب واضح، لأن ذلك قد يؤدي إلى اكتساب الجراثيم المسببة للالتهابات مناعة وقدرة على غزو المثانة.
أ.د. صالح بن صالح