تتمثل الوظيفة الرئيسية للكلية في تكوين البول بكميات مناسبة تكفي لتنقية الدم في جسم الإنسان واستخراج كل ما هو ضار بوظائفه الفيسيولوجية الأساسية، ولتحقيق هذه الأغراض الحيوية تقوم مجموعة النفرونات المكونة للكليتين بعمليتين أساسيتين الأولى هي ترشيح الدم لطرح كل المواد الضارة منه، والعملية الثانية بعد ذلك عملية إعادة الامتصاص لكل ما هو صالح لتغذية الجسم.
لذلك فالكلية عضو هام جدا كبقية أعضاء الجسم وسلامتها مطلب أساسي لاستمرارية الحياة وإذا حدث أن توقفت الكليتان عن العمل فسوف تنتهي حياة المريض بعد أيام قليلة بإرادة الله، ما لم يتم تعويضها بالغسيل الكلوي أو زراعة عضو بديل.
ومن رحمة الله بعباده، فإنه إذا توقفت إحدى الكليتين عن العمل بسبب المرض أو الإصابة أو عن طريق الاستئصال الجراحي فإن الجسم البشري بقدرة الله يعوض ذلك النقص بتضخم الكلية الأخرى المتبقية وزيادة أنسجتها وكفاءتها حتى تصبح قادرة على القيام بنفس كمية العمل الذي تقوم به الكليتان مجتمعتين، أما إذا نقص الجزء الصالح الفعال من نسيج الكليتين معا عن ما مقداره 25 % من حجمهما، فإن الجسم كله يمرض وتبدأ عليه أعراض الفشل الكلوي.
وتشير الإحصاءات العالمية إلى أنه يصاب حوالي 50-60 شخصا من كل مليون شخص في العالم بالفشل الكلوي المزمن الذي يحتاج إلى عملية الغسيل الكلوي أو عملية زراعة الكلى، أو بمعنى آخر فإن أكثر من 500 مليون شخص حول العالم (10 في المئة من سكان الكرة الأرضية) لديهم درجة من التأذي الكلوي.
وفي المملكة أوضحت بيانات المركز السعودي لزراعة الأعضاء والخاصة بمرضى الفشل الكلوي النهائي، والتي صدرت في نهاية عام 2016م إلى وجود 17687 مريضا، منهم 16315 يعالجون بالتنقية الدموية و 1372 مريضا بالتنقية البروتينية أكثرهم من الرجال، وهو مايشير لمعدل انتشار الفشل الكلوي النهائي المعالج بالتنقية بما يعادل 557 حالة لكل مليون نسمة من سكان المملكة بالسنة، كما تشير نفس الإحصاءات إلى أن معدل الحالات الجديدة للفشل الكلوي النهائي المعالج هو 145 حالة لكل مليون نسمة سنويا. كما أن أكثر الحالات كان المسبب الرئيسي لها هو مضاعفات داء السكري أو ارتفاع ضغط الدم.
وبناءً على الزيادة المضطردة في أعداد مرضى الفشل الكلوي في المملكة (7.2 % سنويا)، فإنه من المتوقع أن يستمر هذا المعدل في ازدياد مضطرد ليتجاوز عدد المرضى في عام 2020م العشرون ألف مريض.
تجدر الإشارة إلى أنه بنهاية عام 2016 بلغ عدد مرضى الفشل الكلوي النهائي الموضوعين على قائمة الإنتظار لزراعة الكلى 2708 مريض.
هنا أود التأكيد على ضرورة متابعة الوظيفة الكلوية بشكل دوري من أجل اكتشاف أو نفي وجود مرض كلوي مزمن عند الأشخاص المعرضين للإصابة به وهم: المصابون بمرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، والبدناء، والمدخنون، ومن تعدى عمره 50 عاما، وأقارب مرضى الكلي.
والمتابعة الدورية لوظائف الكلى ليست ترفاً بل ضرورة للفئات المذكورة أعلاه حيث يفيد التدخل المبكر حال اكتشاف أي مشكلة بالكلى في:
- تأخير تدهور أو إيقاف الأذى الكلوي المؤدي إلى القصور الكلوي.
- الوقاية من حدوث الأمراض القلبية الوعائية.
- الكشف المبكر وتطبيق العلاج للمحافظة على الحياة.
زراعة الكلى:
من ناحية أخرى، تمثل زراعة الكلى الحل الناجح الوحيد لمرضى الفشل الكلوي النهائي وفيها يتم نقل كلية سليمة من متبرع سليم إلى مستقبل توقفت كليتاه عن العمل نهائياً لتقوم مقام الكلى الضعيفة.
وقد بدأت المحاولات الأولى لزرع الكلية منذ بداية القرن العشرين لكنها كانت جميعاً محاولات لم يكتب لها النجاح، وذلك نتيجة لرفض الجسم للكلية المزروعة إلى أن تم البدء في استخدام الأدوية، والتي تقلل من رفض الكلية المزروعة في بداية الستينات من القرن الفائت (medications immunosuppressant).
وتتمثل فوائد زراعة الكلى في أنها تساعد على توفير فرص لحياة أفضل من خلال النواحي التالية:
- التخلص من الارتباط بأجهزة الغسيل الكلوي.
- سهولة التنقل والسفر مما يساعد التمتع بحياة عملية اجتماعية وعائلية طبيعية إلى حد كبير.
- تجنب التعرض لمضاعفات انتقال فيروس التهاب الكبد الوبائي من نوع (ج) عن طريق أجهزة الغسيل.
- تجنب التعرض للإصابة بالأمراض المعدية عن طريق عمليات نقل دم ملوث.
- تحسين فرصة البقاء على قيد الحياة بمشيئة الله.
- تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
- زيادة معدلات الطاقة والنشاط.
- تحرر المريض من القيود المفروضة على نظام الغذاء والسوائل المسموح بها.
- يحسن من الشكل الخارجي للجسم حيث يمكن الاستغناء عن توصيلات الغسيل غير مستحبة المنظر.
- تعزز النمو الطبيعي للجسم خاصة أثناء سن المراهقة.
- تحسن من الأداء الجنسي وتزيد من فرصة الخصوبة.
- تزيد من الإنتاج الطبيعي للهيموجلوبين (خضاب الدم).
مصادر التبرع بالكلي:
يعتمد تحديد مصدر الكلية لغرض الزراعة على مصدرين رئيسين تم اعتمادهما من قبل المركز السعودي لزراعة الأعضاء، وهما:
1 – الكلية من متبرع حي.
2 – الكلية من متبرع متوفى دماغياً.
وتعتبر الزراعة من المتبرعين الأحياء من أفضل أنواع زراعة الكلى لأنها تمنح أفضل فرصة لزراعة كلية في أفضل حالاتها، وفي أسرع وقت ممكن، وهو مايزيد من فرص نجاح عمل العضو المزروع.
الكلية من متبرع متوفى دماغياً:
يعتمد هذا المصدر على الحصول على الكلية من الأشخاص الذين ثبت أنهم أصيبوا بالوفاة الدماغية، وبعد أن يتم أخذ موافقة ذويهم، ويتم زراعتها لأحد المرضى المسجلين على قائمة الانتظار اعتماداً على سلم الأولوية. تجدر الإشارة إلى أن مدة الانتظار لعملية زراعة الكلية من متبرع متوفى دماغياً تكون أطول عادة من مدة الانتظار الخاصة بالزراعة من متبرع حي، ونسبة النجاح لهذا النوع من الزراعة هي أقل من نسبتها في عملية الزراعة من قريب حي، كما لا يوجد أي ضمان للمريض بالنسبة لمدة الانتظار حتى زراعة كلية من متبرع متوفى دماغياً مهما طالت مدة الانتظار، وذلك لوجود عقبات طبية خاصة تتعلق بهذا النوع من الزراعة بالإضافة لقلة توفر هذا النوع من الأعضاء.
وطبقاً لبيانات التبرع بالأعضاء وزراعتها من المتوفين في العام 2012، فقد بلغ عدد حالات الاشتباه بالوفاة باستخدام القرائن الدماغية المبلغة للمركز السعودي لزراعة الأعضاء 631 حالة أتت من 94 مستشفى بها وحدات للعناية المركزة تم توثيق التشخيص للوفاة باستخدام القرائن الدماغية في 324 حالة (51 %)، وتمت مقابلة الأهل في 271 حالة أي ما يعادل (84 %) من مجموع الحالات التي تم توثيقها وحصل المركز على 93 موافقة للتبرع بالأعضاء (34 %) من عدد الحالات الموثقة والتي تم فيها مقابلة الأهل، ومن جملة حالات الموافقة هذه فقد تم استئصال الأعضاء في 83 حالة (89 %)؛ وقد شكل رفض الأهل التبرع بأعضاء ذويهم المتوفين (66 %) من مجموع الحالات المشخصة.
أ.د. صالح بن صالح