الامراض التناسلية المعدية

إن مئات الملايين من البشر يصابون سنوياً بالعديد من الامراض التناسلية المعدية، وفي حال السيلان أشارت إحدى إحصائيات منظمة الصحة العالمية بأن أكثر من 65 مليونا يصابون بهذا المرض سنوياً في الدول الغربية، واشار تقرير مركز السيطرة على الأمراض الأمريكي الى اصابة 700 الف امريكي سنويا بهذا المرض، ولا شك بأن هذا العدد قابل للتضاعف مرات عديدة خاصة بين فئة الشباب اما لعدم التبليغ عن الاصابة او نتيجة لاستخدام علاجات غير فعالة.

ومما يزيد في خطورة تلك الأمراض أن إصابة واحدة قد تؤدي إلى العديد من الإصابات، كما أن العدوى بأحد الزوجين تؤثر على الطرف الآخر وغالباً ما ينفرد أحدهما بالعلاج وبالتالي تتكرر العدوى.

ومما يزيد من انتشار الاصابة بالسيلان اكتساب بعض الجراثيم الناقلة لهذا المرض المناعة ضد كثير من المضادات الحيوية ويرجع ذلك إلى استعمال المصابين أنواعاً من المضادات دون استشارة الطبيب أو بجرعة غير كافية أو لمدة غير كافية اما نتيجة لجهل او لخجل من الاعتراف بالاصابة.

ورغم أن المجتمعات الإباحية أخذت تصحو من سبات عميق بعد أن نخرت تلك الأمراض كيانها لسنوات طويلة وباتت تضاعف الجهد للسيطرة عليها إلا أن أعداد المصابين في ازدياد مضطرد.

فانعدام الوازع الديني والانحلال الخلقي والتفكك الأسري كان له الأثر في انتشار الأمراض الجنسية، كما أن سهولة الاتصال بين مختلف الأقطار والطفرات الصناعية بما صاحبها من هجرات للعمال من مكان إلى آخر واختلاطهم بمجتمعات أخرى، وازدياد حالات البطالة والفقر، وعدم مقدرة الكثيرين على الزواج المبكر وكثرة حالات الطلاق، وتعدد وسائل منع الحمل، لعبت هذه العوامل أيضاً دوراً رئيساً في انتشار الأمراض الجنسية.

المقصود بالأمراض الجنسية

هي تلك الأمراض الخمجية (المعدية) التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي أو بملامسة المصاب أو أدواته الملوثة. هذه الأمراض متعددة ومتنوعة قد تصيب الجهاز التناسلي وما جاوره أو تظهر لها أعراض ومضاعفات أخرى بعيدة عن المنطقة التناسلية، كما أن هذه الأمراض قد تنتقل جراثيمها عن طريق الدم إلى أماكن أخرى من جسم المصاب نفسه أو إلى الجنين، كما هو الحال في مرض الزهري ومرض الهربس عند الحوامل أو عن طريق الجهاز اللمفاوي.

مرض السيلان

لا يزال البعض يتصور بأن هذا المرض الجنسي القديم، لا يزال من السهولة تشخيص الإصابة به وكذلك معالجته بطريقة فاعلة تُؤدي إلى الشفاء التام منه. والأشد هو تصور البعض أن الإصابة بالسيلان لا تعني احتمالات أن ثمة ميكروبات أخرى قد تصطحبها في الإصابة الواحدة والتي يصعب تشخيصها بالوسائل المخبرية العادية المتوفرة في المختبرات التجارية.

تختلف الأعراض باختلاف نوع الجرثومة المسببة

تنتقل بكتيريا السيلان عن طريق الاتصال الجنسي مع الشخص المصاب ايا كان نوع هذا الاتصال، وتستقر بمجاري البول أو في المهبل أو في عنق الرحم وفي بعض الحالات تنتقل عدوى السيلان بملامسة المصاب أو بالاحتكاك بالمنطقة المصابة أو باستعمال الملابس وكراسي الحمامات الرطبة الملوثة بجرثومة السيلان.

فترة الحضانة

هي تلك الفترة التي تبدأ من انتقال العدوى حتى ظهور أعراض المرض وتختلف فترة الحضانة حسب نوع الجرثومة المسببة للسيلان وظروف المصاب واستعداده وفي العادة تكون فترة حضانة مرض السيلان خمسة أيام وقد تمتد إلى شهر أو أكثر.

أعراض السيلان

تختلف الأعراض باختلاف نوع الجرثومة المسببة وكذلك تعتمد على حالة المصاب ومكان الإصابة. والسيلان اما أن يكون حاداً أو مزمناً.

أعراض مرض السيلان الحاد

تبدأ الأعراض عادة بحرقان بمجرى البول وقد يصاحبه وخز بالمجرى والبعض يشكو من صعوبة أو عسرة عند التبول. وبعد 24 ساعة أو أكثر يلاحظ المريض خروج صديد من مجرى البول وقد يكون كثيفاً أو لزجاً حسب نوع الجرثومة المسببة للمرض، وأول ما يلفت انتباه المصاب هو ظهور الافرازات (السيلان) من مجرى البول أو من المهبل أو ملاحظة بقع صديدية صفراء مخضرة على الملابس الداخلية، ومع ان درجة حرارة الشخص المصاب قد ترتفع أحياناً مع الشعور بصداع وزيادة في سرعة النبض، الا انها لا تعتبر من الأعراض الرئيسية عند كثير من المرضى. ومع ان ظهور السيلان من مجرى البول يعتبر الشكوى الرئيسية في الذكور الا ان 85% من الاناث المصابات بمرض السيلان قد لا يشكين من الأعراض لمدة طويلة وغالباً ما تكشف جرثومة السيلان في تلك الحالات بالصدفة عند مراجعة الطبيب بسبب التهابات متكررة بالمهبل أو بالرحم أو عند معالجة الزوج المصاب بمرض السيلان. وبعد أسبوعين من الإصابة تزداد الحرقة والألم عند التبول والتقطع بالبول أو قد يحدث العكس إذ تخف الأعراض لدرجة لا تسترعي انتباه المصاب. وتستقر جرثومة السيلان بالمسالك البولية التناسلية عادة وبالتالي فإنه في معظم الحالات تنحصر الأعراض في تلك المنطقة ولكن قد تصل جرثومة السيلان إلى الدم فتؤدي إلى مضاعفات خطيرة خاصة على القلب وسحايا المخ أو المفاصل، أو قد تصل إلى البربخ والخصيتين أو إلى قنوات فالوب والمبيضين فتؤدي إلى العقم عند الرجل والمرأة تباعا.

أعراض مرض السيلان المزمن

إذا لم يعالج السيلان الحاد منذ البداية أو كان العلاج غير موفق، ففي هذه الحالة تقل الإفرازات من مجرى البول لدرجة لا تلفت انتباه المصاب وقد تظهر بعض الإفرازات خاصة في الصباح وتسمى نقطة الصباح (MORNING DROP) وتكون الأعراض المصاحبة طفيفة. وفي هذه الأثناء تبدأ جرثومة السيلان بغزو الجهاز البولي التناسلي أو تنتقل عن طريق الدورة الدموية إلى أماكن أخرى من الجسم وتسبب كثيراً من المضاعفات الخطيرة .

مضاعفات مرض السيلان

تحدث العديد من المضاعفات عند اهمال علاج هذا المرض او عند علاجه بطريقة غير صحيحة ومن اهم تطورات هذا الداء على الجهاز البولي والتناسلي مايلي:

عند الرجل تحدث التهابات في مجرى البول قد تؤدي إلى الاصابة بخراج صديدي او ضيق بمجرى البول يؤدي إلى العسرة عند التبول أو الاصابة بالتهابات مزمنة في المسالك البولية والبروستات والحويصلات المنوية. كما ان حدوث التهاب بالبربخ أو بالخصية قد يؤدي إلى العقم.

عند المرأة تكون مضاعفات مرض السيلان غير محددة وغالباً ما تظهر على شكل ألم مزمن بالظهر، إفراز خفيف في مجرى البول أو من المهبل، حرقان وعسرة وتقطع عند البول، التهاب بغدة (بارثولين) بجانب المهبل وقد تؤدي إلى خراج بها، التهاب بقنوات فالوب يتبعها ألم أسفل البطن وارتفاع بدرجة حرارة المصابة وقد يؤدي إلى انسداد بالقنوات وبالتالي إلى العقم، كما قد تحدث اضطرابات في الدورة الشهرية.

مضاعفات مرض السيلان خارج منطقة الجهاز البولي التناسلي

تحدث هذه المضاعفات عندما تنتقل الجراثيم المسببة عبر الدم ومن اهم مضاعفاتها: التهاب بالمفاصل وتدمير أربطتها ويؤدي إلى ورم بالمفاصل وتعطيل حركتها، التهاب بعضلة القلب والجدار المحيط به، التهاب بالعين خاصة عند الأطفال إما بالعدوى المباشرة أثناء الولادة عندما تكون الأم مصابة بمرض السيلان أو باستعمال أدوات الشخص المصاب الملوثة كالفوط وغيرها وهي إصابة قد تؤدي إلى فقدان البصر.

أ.د. صالح بن صالح

×