تفتيت حصوات الكلى بالموجات الصادمة

من أكثر الأمراض شيوعا في البلدان الحارة كما هو الحال في المملكة تكون حصوات الكلى، ومع أننا لا نملك إحصائيات دقيقة عن نسبة حدوثها في المملكة إلا أن هذه الحصوات تسبب زيارة نحو 3 ملايين أميركي لعيادات الأطباء خلال العام الواحد، بما فيها 500 ألف زيارة إلى غرف الطوارئ في المستشفيات، ويحتاج ما بين 5 و10 في المئة من المصابين بحصوات الكلى إلى رعاية وتنويم داخل المستشفيات وجزء كبير منهم يحتاج إلى علاج جراحي للتعامل مع هذه الحالات.

وبصفة عامة يعاني واحد من كل عشرين شخصاً من مشكلة تكون حصوات الكلى. وهي المشكلة التي تصيب الرجال والنساء معاً، وإن كان الرجال أكثر عرضة للإصابة بها، إذ إنها تحدث في نحو 15% منهم وتحدث في حوالي 5% من النساء. كما أنّها عادة ما تبدأ في الرجال بعد سن الأربعين، أما عند النّساء فهي أكثر بعد سن الخمسين فما فوق. وعندما يتعرض المريض لتكون حصوة الكلى ولو مرة واحدة فهو معرض لمعاودة الإصابة بها إذ تشير الدراسات إلى أن إمكانية تكرارها تحدث في 10% خلال السنة الأولى بعد الأصابة الأولية و50% خلال العشر السنوات التالية.

وتتعدد طرق التعامل مع هذه الحصوات في حال فشلت العلاجات الدوائية التحفظية في تذويبها أو المساعده في نزولها خارج الجسم. وقبل عام 1980 كان الحل الجراحي هو الحل الوحيد لعلاج حصوات الكلى والحالب كبيرة الحجم، ولكن بعد اكتشاف الموجات الصادمة والتي تسمى أيضا الموجات التصادمية بواسطة شركة دورنيير الألمانية لصناعة الطائرات، أحدث العلاج بها ثورة في عالم التفتيت وتطور الجهاز بشكل مذهل ليقوم بتفتيت حصوات أكبر وعمق أفضل مع الحفاظ على نسبة منخفضة من احتمالية المضاعفات.

وتتكون الفكرة الأساسية لجهاز التفتيت على إرسال موجات تساعد على القيام بتفتيت هذه الحصوات إلى حصوات صغيرة في مكانها وبالتالي تستطيع المرور من خلال الحالب والمجرى البولي وبالتالي التخلص من الحصوات خارج الجسم مع التبول.

ويحتاج تفتيت الحصية من ألفين إلى أربعة آلاف موجة صادمة لحصوات الكلى وقد تزيد في حال حصوات الحالب. وتستغرق العملية كلها تقريبا ساعة واحدة أو أقل، وتتم تحت التخدير الموضعي ولا تتطلب هذه العملية بقاء المريض في المستشفى إذ إنه يستطيع الذهاب إلى منزله في اليوم نفسه بعد التفتيت بحوالي ساعتين.

ويتكون جهاز التفتيت من أربع وحدات أساسية تقوم كل وحدة بعمل معين كالاتي:

  1. جهاز إرسال الموجات: ويقوم بإرسال الموجات التصادمية بالتردد المطلوب والذي يحدده الطبيب المعالج بناء على حجم وموقع ومكون الحصوة.
  2. وحدة تجميع الطاقة: وتقوم بتركيز الموجات على الجزء المراد التفتيت عليه.
  3. وحدة اقتران الطاقة: حيث تقوم بتجميع الطاقة الناتجة عن الموجات المنبعثة من الجهاز.
  4. وحدة توجيه الطاقة: حيث تقوم بتحديد واتجاه الطاقة ناحية موقع الحصوة للتأثير عليها.

فكرة عمل جهاز الموجات التصادمية :

تتلخص فكرة التقنية المستخدمة في الجهاز في أن الموجة الصوتية التي تصل للمياه أثناء مرورها بين وسطين مختلفين في الكثافة تقوم بإحداث نوع من أنواع الانفجار(الفرقعة) عن طريق فقدان جزء من الطاقة وهو ما يقوم بالضغط على الحصوة وبالتالي يؤدي إلى تهتكها أو زيادة الضغط عليها بالماء الموجود حولها داخل حوض الكلى كما يؤدي إلى كحتها أو يسبب فجوة بها وهو ما ينتهي بالحصوة إلى التحول إلى جزيئات صغيرة تسهل من نزولها من الكلى والحالب والخروج من الجهاز البولي لاحقا .

الحالات التي تستلزم عمل

تفتيت بالموجات التصادمية:

أشارت التوصيات العلمية ومنها دليل الجمعية الأميركية لجراحي المسالك البولية إلى أن حصوات الكلى 2 سم فما أقل هي الأنسب للتفتيت بالموجات التصادمية، ويمكن التعامل مع جميع أنواع الحصوات بما فيها الحصوات الشفافة التي لاترى بجهاز الموجات السينية لكن ذلك يتطلب استخدام أجهزة إضافية لتحديد موقع الحصوة داخل الكلية. كما يستخدم جهاز التفتيت لعلاج حصوات أعلى وأسفل الحالب وأيضا حصوات المثانة البولية مع نتائج متفاوتة مقارنة بحصوات الكلى. ويفضل عمل أشعة مقطعية قبل التفتيت لقياس كثافة الحصوة قبل عمل التفتيت لتحديد قابلية الحصوة للتفتيت بالجهازحيث إن الحصوات ذات الكثافة العالية لا تستجيب للموجات التصادمية.

الحالات التي يجب أن تتجنب عمل تفتيت بالموجات التصادمية:

يجب تجنب أو تأجيل إجراء التفتيت بالموجات التصادمية في الحالات التالية:

  • التهاب المسالك البولية.
  • اضطرابات النزيف غير المصححة.
  • وجود حمل.
  • وجود عائق أمام نزول الحصوة المفتتة مثل انسداد المجرى البولي بضيق أو وجود حصوة أخرى أسفل الحالب .
  • وجود تكلسات بالشريان الكلوي أو حدوث تمدد بالأوعية الدموية للشريان البطني.
  • وجود أمراض العظام الشديدة.
  • زيادة وزن المريض والسمنة عن 130 كيلوجرام .

مخاطر تفتيت الحصى

بالموجات التصادمية ومضاعفاته:

تعتبر عملية التفتيت بالموجات التصادمية من العمليات الفعالة جداً والآمنة في نفس الوقت، كما أن مخاطرها ومضاعفاتها نادرة جداً.

ويمكن أن يلاحظ معظم المرضى وجود الدم في البول لعدة أيام بعد التفتيت. وقد يلاحظ المريض مرور حصوات رملية صغيرة عند التبول وهو الهدف الرئيس من العملية وقد تخرج دون ملاحظة نتيجة حجمها الصغير جدا الذي يمكن أن يشابه الرمل.

وفي بعض الأحيان لا يتم تفتيت الحُصية بشكل كامل. وفي هذه الحالة يحتاج الأمر إلى تكرار عملية التفتيت.

وهناك حصيات قاسية جداً تقاوم الأمواج التصادمية مثل حصوات السيستين، وهذا ما قد يجعل الطبيب يقترح طرقاً أخرى لاستخراجها.

من ناحية أخرى، كثر مؤخرا الجدل الطبي عن علاقة هذه الموجات وتزايد خطر الإصابة بداء السكري بعد سنوات من التفتيت نظرا لقرب الكلية من البنكرياس والأ وعية الدموية الكبرى في البطن والتي من الممكن أن ثثأثر بهذه الموجات. إلا أن نتائج دراسة قام بها الدكتور جيتمان من مايو كلينيك وتم عرضها خلال اجتماع الجمعية الأميركية للمسالك البولية القطاع الأوسط الشمالي طمأنت إلى حد كبير المجتمع الطبي وفندت هذا الخطر. وفي هذه الدراسة المسحية والتي شملت 5200 مريض، وجد أ ن 14% أصيبوا بداء السكري منهم 8% خضعوا للعلاج بالموجات التصادمية، ممايشير إلى عدم وجود مثل تلك العلاقة الاحتمالية.

في الختام أود الإشارة إلى أن تقنية العلاج بالموجات التصادمية يمكن أن تستخدم في علاج حصوات القناة المرارية والتهاب المفاصل وفي العلاج الطبيعي لتليفات العضلات والأوتار والأماكن المؤلمة بسبب التكلس”ترسب الكالسيوم”، ومؤخرا تم إدخالها في علاج حالات الضعف الجنسي عند الرجال.

أ.د. صالح بن صالح

×